الهزهزة في سيرة الرزرزة ..!
الحبر الأصفر
أحمد عبد الرحمن العرفج
صحيفة المدينة
الثلاثاء 11/02/2014
لَيست المَرّة الأُولَى التي أكتُب فِيها عَن "الرَّزْرَزَة" و"التَّرزُّز"، تِلك العَادة التي يُقصد بِهَا؛ حِرص الإنسَان عَلى حضُور كُلّ مُنَاسبة، يَحضرها أي مَسؤول، والتقَاط الصّور مَعه، ومُحاولة "التّميْلح"، والحَديث عَن الشَّأن العَام بصِيغة الرَّجُل "الفَاهِم"..!
إنَّ "التَّرزُّز" عَادة قَديمة، ولَكنَّها في هَذا الوَقت زَادت وطَفَحَت، لدَرجة أنَّك تَستطيع تَقسيم المُواطنين إلَى قِسمين: قِسم "المُترزّزين"، وقِسم الـ"لا مُترزّزين"، ولا يَعنيني هُنَا "المُترزِّزون" في المَجالِس الخَاصّة، لأنَّ هَذا النّوع مِن "التَّرزُّز" يَحتاج إلَى بَحثٍ عَميق، ومُتَابعة دَقيقة، ودِرَاسَة طَويلة مُتخصّصة، تَصلح أن تَكون مَوضوعاً لرسَالة طَالب؛ يَنال بهَا دَرجة المَاجستير، وإنَّما يَعنيني هُنا "المُترزِّزون" في الإعلَام والصَّحَافة، لأنَّ هَذا مَلعبي الذي ألعَب فِيهِ، وحَقلي الذي أجني مِنه ثِمَاري..!
قَبل سَنوَات قَال أحَد المسؤولين: "إنَّنا تَعرَّفنا عَلى بَعض من نريدهم لتولِّي مَنَاصِب عُليا، مِن خِلال كِتَابَاتهم في الصُّحف، وظهُورهم في الإعلَام".. وبَعد هَذا التَّصريح "انْفَلَت" عَلينا جَيش مِن "المُترزِّزين"، وقَبيلة مِن الأكَاديميين، وفَصيلة مِن المَنسيّين، وطَائفة مِن "المَلقُوفين" الفضُوليين، وأخذُوا يَكتبون المَقَالَات، مُوزّعين صورهم عَلى الصُّحف، بحَيثُ تَكون الصّورة وَاضِحَة، يَبدو فِيها "المُترزِّز" عَميق التَّفكير، وَاضعاً إصبعه عَلى خَدّه، وكَأنَّه أفلَاطُون زَمَانه..!
لقَد خَرَجَت عَلينا شَرائح كَبيرة ومُتنوّعة مِن "المُترزِّزين"، الذين يُغازلون بَعض المَسؤولين، فتجدهم يَكتبون مقالاً من ألف كلمة؛ يَمدحون فِيهِ جهُود الوزَارة الفُلانيّة، ويَتحدَّثون فِيهِ عَن مَزَايَا وإيجَابيّات أعمَال المُؤسَّسة العِلَّانية، وكَأنَّهم خُبراء مُخضرمون، والحَقيقة أنَّهم لا يَملكون الخِبرة التي تُؤهِّلهم للتَّحدُّث عَن مِثل هَكذا مَواضيع..!
حَسناً.. مَاذا بَقي؟!
بَقي القَول: يَا قَوم.. لقد انتَهَى خدَاع نظريّة "شُوفُوني لا تَنسوني"، ولَم تَعُد المَقالات والظُّهور في الإعلام يَخدمان صَاحبهما، بَل مَا يَخدم الإنسَان هو عَمله، وجدّيته في مَجال تَخصّصه، ومَن يُراقب التَّعيينات في السنوَات العَشر الأخيرَة، يُدرك أنَّ كُلّ المُعيّنين في مَواقع المَسؤوليّة؛ لَم يَكونوا مِن فَصيلة "المُترزِّزين"..!!!